الجمعة، 20 أبريل 2012

قالت ضُحى .. بهاء طاهر


 مقططفات من "قالت ضُحى لـ بهاء طاهر."

* قلت بشئ من الانفعال : هل نضحك على أنفسنا يا حاتم ؟ ما دخل البلد في هذه الاجتماعات وهذه الخطب؟ من يريد أن يخدم البلد حقيقة يا حاتم يفعل شيئا محددا ولا يتكلم.
 
                            ---------------------------------------------------------------
* كل شئ قد تغير ، والبلد الآن أصبح بلدنا ، الثورة جعلت البلد بلدنا. ويجب أن نساعدها ، أليس كذلك ، يا أستاذ؟
أخد يتطلع إليّ مستفهما ولكنني قلت بلهجة عابرة : ربما.
 
                            ---------------------------------------------------------------
* جربت من قبل في حياتي خيبة الأمل. أحببت فتاة لم تبادلني الحب، وعرفت أخريين تعثرت علاقتي بهما في منتصف الطريق. عرفت الألم، أن يشعر الإنسان أنه مرفوض ومهان وضئيل أمام نفسه ولكنه لا يملك إلا أن يحب سبب ذلك كله. لا يملك إلا أن يراوده الأمل في أنه ربما بطريقة ما، بمعجزة ما ستورق من جديد تلك الشجرة التي سقطت في الأرض وماتت. ستصل رسالة ما، مكالمة ما، سيلقى الوجه الذي هجره فجأه في الطريق فتبتسم العيون وتتعانق الأيدي ويرجع كل شئ. ستتحقق في الصباح أحلام الليل. ولكن مع الزمن وإذ تظل الأحلام أحلاما، لا أقول الجرح يُشفى، ولكني أتعلم كيف أعيش مع تلك الحربة المرشوقه في داخلي كأنها جزء مني إلى أن يأتي حب جديد وألم جديد.
                          ---------------------------------------------------------------
* ثم قال حاتم : تسألني لماذا الآن؟.. لأنني عرفت أن الحية لا تموت أبدًا .. إننا نحاول عبثًا لأنها تلتفت حول الأرض..
ثم قام حاتم وعاد  وراء مكتبه وراح يتكلم وهو بأصابعه على المكتب نقرات رتيبه وهو يحيرني هذا الأمر من زمن. منذ كنت أعد الدراسات العليا. وتركت القانون ورحت أقرأ في التاريخ وأسأل نفسي لماذا يحدث ذلك كله؟.. قلت سأحاول كل شئ ولن أستسلم.. ولكني اكتشفت أن الظلم.. لا يبيد .. ما الحل؟ أن تحدث ثورة على الظلم؟ نعم تحدث ثورة .. يغضب الناس فيقودهم ثوار يعدون الناس بالعدل وبالعصر الذهبي ويبدءون كما قال سيد:يقطعون رأس الحية.. ولكن سواء كان هذا الرأس اسمه لويس السادس عشر أو فاروق الأول أو نورى السعيد ، فإن جسم الحية، على عكس الشائع لا يموت، يظل هناك ، تحت الأرض، يتخفى يلد عشرين رأسًا بدلا من الرأس الذي ضاع، ثم يطلع من جديد. واحد من هذه اسمه حماية الثورة من أعدائها. وسواء كان اسم هذا الرأس روبسيير أو بيريا فهو لا يقضي، بالضبط إلا على أصدقاء الثورة. ورأس آخر اسمه الاستقرار يجب أن يعود كل شئ كما كان قبل الثورة ذاتها. تلد الحية رأسا جديدا. وسواء كان اسم هذا الرمز يزيد بن معاوية أو نابليون بونابرت أو ستالين فهو يتوج الظلم من جديد باسم مصلحة الشعب. يصبح لذلك اسم جديد الضرورة المرحلية.. الظلم المؤقت إلى حين تحقيق رسالة الثورة. وفي هذه الظروف يصبح لطالب العدل جديد يصبح يساريا أو يمينيا أو كافرا أو عدوا للشعب حسب الظروف..
ثم نظر إلىّ حاتم بعينين محتنقتين وقال: كنت أظن أنه يكفي لإصلاح حال أسرتي أن تنصلح حال البلد فاكتشفا أنه لا بد أن ينصلح حال العالم، وأن ذلك مستحيل. قل لسيد القناوي أن يتعلم هذ الدرس المهم جدًا. لا تموت الحية أبدًا. 

                          ---------------------------------------------------------------

* ألم يكن من الممكن أن تموت وأنت تطلب العدل؟ .. أنا أعرف ياحاتم أن طلب العدل مرض. ولكنه المرض الوحيد الذي لا يصيب الحيوانات. كل ما في اأمر أننا ، أنا وأنت شُفينا من هذا المرض فأصبحنا نرى أعراضه على الآخرين.